تماما" كعصفور جريح الكبرياء يطير نحو شجرته الأولى التي علمته كيف يغني وكيف ينام على أغصانها حينما يحاصره الصيادون ،
لملمت دمي وذهبت إليه ..
تعمدت أن أذهب له وحدي هذه المرة ،
وكانت في داخلي رغبة شديده لرؤيته ولكي أتاكد من أنه بشر" مثلنا يمكن أن يرى بالعين المجرده بعيدا" عن مايكروسكوب التراب
وها أنا ذا في طريقي له وحدي هذه المرة
وبي ذات اليقين بوجوده هناك ،
فقط أريد أن أقبل راسه الطاهره وأعتذر له عن تأخري في تهنئته بالعيد المنصرم ،
وأريد أن أحتسي معه وطنا" بالحليب
كما كنا نفعل كلما التقينا ،
وأردت أن أنام على صمته لبعض الوقت ،
ليتنا نستطيع تبادل الأدوار ، أو ليته ينهض معي لبعض الوقت
كنت سأخذه في جولة سريعة إلى أولئك الذين يفترشون الرصيف أمام أعين الوطن
وسأخذه إلى العمارات التي إستطالت من دماء الكادحين
لكي يعرف (وين وصل الحال الإنقطع)
وسأخفيه داخلي ليظل قبره خاليا" منه
وأهمس له:
(من يوما موهدب بال كلمه
مابين دارجيتك والفصحى)
ومن يومها وأنا أكثر إنشطارا" وألما" من الآخرين
لأنك كنت بالنسبة لهم مجرد شاعر مميز لا غير
أما بالنسبة لي
فقد كنت (أبا") ووطنا" وقلما"
****
كنت (معه) الآن
وضعت قلما" في قبره وانصرفت
ربما سيحتاجه لكتابة نَصه الأخير
أو ربما يحتاجه ليبقر به بطن العدم
ويكتب وثيقة خلوده على الرغم من أمية الغياب ،
حملت دموعي وإنهزامي وأنصرفت عنه بعد أن قبلت رأسه ، فقبل وطني وبكى.
14/11/2012م