عبدالحافظ سعد الطيب : بين جدلية إنتماء حميد شاعر الثورة السودانية وزيف النخب والأنتلجنسيا والتغير

يوليو 22, 2015


عبدالحافظ سعد الطيب 

المفردة فى شعر حميد غير منهزمة ً إتجاه النخب المهزومه، بقدر ما هى توأم الروح الرافضة للهزيمة، أو الذاهبة لمطلق الإنسان السودانى بزهو، لأنّ المرء حين يتخذ الهزيمة مسكناً له لا يُمكن أن يرى سوى حائط المبكى،
المفردة فى شعر حميد منتمية الى عمق الواقع منتمية الى قضاياه الكبرى 
ومن هذه الرؤية الواضحة لدور الشعر وعلاقته بالإنسان، ولإيمانه بأن السؤال الجدير بالطرح هو: هل يعيش الإنسان ليموت ؟ أو يعيش ليحيا حاضناً حلمه الكبير بالآتي ، رافضاً التسليم بالهزيمة التي يُعاني منها وطنه، مجاهراً: لنبدأ من حلمنا أوّلاً!
لم يكن شاعرنا حميد رقماً إضافياً في قائمة الشعراء والشعر المفردة السودانية التي طالت في العقدين الأخيرين من القرن الماضي، ولم تكن قصائده أنّات قلوب حزينة وصرخات أفئدة مفجوعة ومارشات حرب ضاجّه بل كانت مختلفة عن كل ما عداها، تنساب هادئة متسللة مكتسحة خبايا النفوس وموقظة ما خمل من العقول مشعلة في مَن يلتقيها ناراً هادئة تأخذ بالتوهج والإتساع لتضيء العتمات الدفينة وتشد به ليخرج يغني للحياة والسلم الأجتماعى ويسعى لتحقيق حلم الإنسان السودانى و حلمه الكبير بمستقبل متغير منتصر للأنسان السودانى على القهر التاريخى
حميد لم يمارس ثقافة الخديعة والوهم التى تمارسها النخب الحالية التى رضعت من ثدى الخديعة والسلطة المنهزمة تجاه شعوبها ، يرفض الوقوف على حائط للبكاء يصرّ على رفد المستقبل بأدوات ومعرفة التغير:
رغم ذلك تحاول النخب والمثقفين السلطوين تجريدة من شرف إنتمائة لشفع العرب الفقارة تجريدة من انتمائة لكلات الموانى وعمال المدن المصانع تجريدة من انتمائة للشغيلة التى السوداد الأعظم الذى يئن من قهر السلطات
وهو في منطلقه الشعري لم يخدعه الخارج فيحلّق في البعيد لينشد قصائده ملقياً بها حيث تستدعيها الأحداث وتصفق لها أكف الرجال، كما أنّه لم يتقوقع داخل ذاته حامياً إيّاها من فساد الأمكنة ومَن فيها أو مكتفياً بنفسه يُنشدها ويُعزّى نفسَه بها.
“مسألة المفردة عند حميد معقّدة هى رحلة اكتشاف مستمر في مجاهل الأنسان القارة ، التوغل فيها لا يحمل إمكانية العودة إما ان تتقدم ، او تُواصل تقدمك ، ”
تجربة الإبداع عند حميد وهو في كامل وعيه اختار اللغة العامية واختياره للعامية هل هذا الإختيار هو موقف غير متصالح مع لغة المركز(أقصد لغة أمدرمان) التى تحيد المحلية أم بداية اعتقادا منا أنّها الأقرب للإنسان العادي وفهمه وتقبّله اللغة العاميّة بكل ما تتميّز به من خصوصيّات وجماليات إلاّ أنها تظل الأكثر إحاطة بكل المعاني الحسية هنا الإمكانية الفعلية لأن تخدم لغة المثقف المنتمى باعتبار اللغة هى الناقل للثقافه المحليه ويطوّرها، وتطوّره، وهنا فعله الحقيقي، وظيفته وحلمه”كمثقف منتمى
وككل مبدع أصيل لا نجد حميد عاجزاً عن ملاحقة الأفكار والقضايا الكبيرة التي تُشغله كانسان منتمى للأرض والأنسانية ويُريد التعبير عنها باللغة الشعرية، ويكتشف أن مساحة القصيدة والكلمة الشعرية مهما اتّسعت وتمدّدت تظل دون الذي يطمح إليه. فلذا نجد ان حميد فى تجربته الفريده يدخل أدوات الروايه محققا نبوءة غابريال غارسيا ماركيز فى وحدة واندماجية(الرواية الشعريه) ككل متماسك متقاطع مع التاريخ بظهور الشخوص فى تجربة حميد وهى تتحرك فى المكان والزمان والحوار الداخلى التراجيدى وهذا ما يفسّر انتقاله لخوض تجربة عالمية جديدة فى الكتابة الأدبية
وأن المفردة الغنائية العادية والمقروءة غير كافية لتصوير ملحمة الإنسان الكبرى فالمفردة عند حميد متجاوزة النخبوى بأدواته المعرفيه وتمركزها فى القراءة والكتابة متخطيا ذلك للسمع والتصوير( فى لقاء اجرته معه نسرين النمر فى احدى القنوات قال لها انا كلامى بتسمع مابتقرى لانه كان غير مهموما بتجربة الموت بقدر همه بحياة الآخرين
وهكذا كانت تجربة الشاعر في خوض تجربة كتابة جديده مسموعة ملبية لحوجات وقضايا مجتمع كبيره
تصل بسرعة وقوة إلى المتلقي لتكشف أمامه جوانب وزوايا ومسارب ظلّت مجهولة له وغائبة عن إدراكه في قراءته للقصيدة كومضة سريعة تسلط الضوء على العتمة فتضع المتلقي فتضعة فى فعل التغير الملمح الدينى عند حميد ، ورمزيته ، ، والملمح الاشتراكي المنبهر ويدفعك لطلب المزيد من التغير للأفضل ويدعك تهتم بتفاصيل الصورة لا بشمولية المشهد الكبير الإدهاش والتّنبيه والحثّ على التغير ونبش التفاصيل الصغيرة في النفس الإنسانية وتعرية ماحولها بكل حدة وضوح
والضو شطب جهة اليمين من حجا إلى أن آمنين
وبيَّن بي دمو البسملة 
وبي خط خلاويهو المكعوج والحرف واضح تخين
بي دم وطين 
الضو كتب فوق باب أمير المؤمنين 
” ما ضر بيت أبي لهبْ
لو ظلَّ بين المؤمنينْ
لـو جاء فينا ما ذهبْ
يا مسلمين بغير دينْ”
ومضى اسمو بين قوسين (غضبْ) 
والمية أوووو كاللظي 
رمت الدهاليز والأوض بس فضل الباب العظة 
مقاطعة بني هاشم وبني عبد المطلب التي كتبت في الصحيفة والتى علقت فى الكعبة واكلت الأرضة كل ماهو ظالم وجائر إلا كلمة ” بسمك اللهم” ، نلاحظ للفيد باك شطب التظاهر والتفاخر بالمظاهر الدينية فهو عندما شطب (حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً… أدخلوها بسلام آمنين) لم يشطب الدين إذ أنه (بيَّن بي دمو البسملة) لكي تكون بداية ما يريد أن يكتب فهو يجعل الضو ذو خلفية دينية (بي خط خلاويهو المكعوج ) بيعرف الدين السمح والإسلام :
( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان إلى قلوبكم ) فِقرا تغش الله وتخش بيتو وتسرقو ورا العشا فالفرق بين الإيمان والإسلام هو الفرق بين الدين ولبس عبائة الدين .
وهو عندما يتحدث عن المنادين بالدين لغرض أو مدعيي التدين يقول ليفضح ممارستهم التي يتسترون بالدين لفعلها: هذا لايوقف فعل الأرضة وتجريبة لأكل الحجر من اجل تغير الظلم والقهر
ودفعها للتغير منبها لى قيمة الأنسان المتلقى ودفعة للتغير والعمل
يا متلبك في الأدران … الحجـر الأسـود مـاهو البروة
وماها الكعبة مكاوي تجيها … حين ينكرفس توب التقوى
ومافي خرط للجنة تودي وما في خطط ممهـورة برشوة
والمشروع الديني الخـالص … ما محتاج لدراسة جدوى 
ويات من قال “يا رب” من قلـبو ما رد الخالق دايما “أيوة”
أقوى ولف بشكيرك فوق الراس النشف غيرك لا تستهوى
حميد يستفز فينا ذاكرتنا التاريخية للقراءه بشكل صحيح وننظر للذين يمارسون الطقوس الدينية ويدعون الى المشروع الحضارى وهم غير طاهرى القلب والجسد ويقراون القران كما الغناء ويصلون الصلاة وهم غير طاهرى وهم أمام رب الجلالة وايديهم ملطخة بدماء البشر
يدعونا حميد لجلال الموقف ولوازمه من طهارة القلب والجسد ، وطهارة القلب بحسن المقصد وطهارة الجسد حسية النظافة التي لذا ستحضر حمامة نوح بعد طوفان البحر لتتبين له مكان اليباس والطهارة
صلاية قرآن غير غنا 
صل ياحمام قدامي أنا 
غرقان لي في أنجاس لي هنا 
ما شال مراحيضنا البحر 
طفَّح زفارات كم سنة 
بي إيش أتوضأ وأغتسل ؟
بي إيش يا ربنا ؟؟
ويدعونا كيف نستدعى التاريخ المشرف عند الحوجة وانسداد الأفق المظلم
لم يفقد الدين القدرة على غسل دواخل الناس نحو الانسنة الا نتيجة التحريف
لأغراض كثيرة منها السلطة والمال والدين برئ مما لبس به الآن من قبل الأسلاربويين
جعل الضو يبكي في قصيدة البحر لم يكن البكاء الذي يصدر عن الرجل بكل عنفوانه هو بكاء الألم أو بكاء الحاجة بل هو بكاء القهر إذ يقول حميد :
الضو بكى 
بكى ما بكى 
بكاهو حس الطائرات 
بكاهو قدرتو تنتهي 
بكاهو يرجى المعجزات
بكاهو يقنع بالرحيل 
بكاهو ما كان الشدر … ما الطير وما كان النخيل 
بكاهو كيف سد شبر… من موية يصبح مستحيل 
بكاهو يلغط في البحر … والغيرو يشرب سلسبيل 
بكاهو البينضم في الغلط … يا قالو ملحد يا عميل
تناول الاستاذ صلاح هاشم السعيد فى كتابه حميد وفشل النخب السودانيه فى فصله الثالث 
حميد ومفهوم المركزية الثقافية
بس مستحيل 
ان تجبر الأبنوس
غصب يصبح نخيل والعكس
ومسالة التنادى لثقافة مركزيه وتحييد الخصوصية المحلية وفرض لغة المركز على الهامش وكل ذلك سلطة المركز ووسائل إعلامها ونخبها المركزية تمارس التغيب والأستلاب ومحاولة تفريغ ذاكرة الشعوب الثقافية لذا كان رجوع حميد الى نورى وهجر المدينه موقف مبدئ للرجوع للبيت القديم لاستنهاض الهامش والوقوف معه
بكاهو يرجع لا ورا 
بكاهو رادي الدندهوب الغادي 
وأم درمان تغني حبيبتي آه … وودادي وين … وحبيبي اوب
والباقي كلو مقابلات … ضد القوانين البديلة 
مع القوانين البديلة 
اليسوي ما يسوى الرذيلة 
جهمن جنة … الفضيلة 
ولا ختر في بالن الحال الكدر
لا علمن سيل الجاب الشات مواريث القبيلة مع الحجر
لا حكمة البحر الكسر
ما ليهو مسلم لا الكفر 
رسائل ست الدار بت احمد جابر 
للزين ود حامد
ومافي فرق في الوقت الراهن بين واشنطن والخرطوم 
أنا مأزوم .. مأزوم .. مأزوم 
يا خرطوم وينك وينك 
يا خرطوم شن شبّ وقلبك وسلبك 
حلبك ؟ زنجك ؟ بجتك ؟ نوبتك ؟ عربك ؟ 
أنا مأزوم .. مأزوم .. مأزوم 
يا خرطوم أزمني الصلبك فوق الطلحة الأمريكية 
يا خرطوم .. أوه خرطوم .. أوه واشنطوم 
طن .. لفتك فجراً يقطع رحطك 
0000000
ملمح حميد وانتمائة وانحيازه للغالبية أصحاب الياقاة الزرقاء انحيازة للغالبية التى تشكل مجمل الحلقة الأساسية فى الأنتاج المحلى والدور الذى يلعبة العمال والمزارعيين والفلاحين فى علاقات الأنتاج ومجمل الأنتاج 
وعلاقة أدوات الأنتاج وربطها بسيطرة الدولة الآن الملاحظ مايدور نحو التغير العالمى إنتصارا لقيم الأنسان 
علاقات إنتاج الحياة المادية هى التى تشكل عملية الحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية عامة، بمعنى آخر تشكل مجمل العلاقات الفوقية وليس وعي البشر هو الذي يحدد كينونتهم بل كينونتهم الاجتماعية هي التي تعيّن بالعكس وعيهم. وتدخل قوى المجتمع الإنتاجية المادية، عند مرحلة معينة من تطورها، في صدام مع علاقات الإنتاج القائمة أو بما لا يعدو أن يكون تعبيرا قانونيا عن نفس الأمر مع علاقات الملكية التي ظلت حتى الآن تقوم بهدر قيم النسان وتفكيك مجتمعاتة
فتلك العلاقات عندما تتحول من أشكال وسياسات تعمل على تطور القوى الإنتاجية إلى أغلال تقيد هذه القوى، وتقهرها وتذلها وتهدر طاقاتها عندئذ تأن الأرض تحت أقدام قوى التغير من الثورة الاجتماعية، الى تغير الأساس والمفهوم الاقتصادي ، بدرجات متفاوتة من السرعة، البناء الفوقي الهائل بأسره، وعندما ننظر في تغيرات كهذه، يجب دائما أن نميّز بين التغير المادي لظروف الإنتاج الاقتصادي الذي يمكن إثباته بطريقة علمية دقيقة وبين الأشكال القانونية والسياسية والفنية والفلسفية وباختصار بين الأشكال الإيديولوجية التي يعي الناس من خلالها هذا الصراع ويخوضونه إلى النهاية.
الملاحظ للمتتبع مايحدث فى العالم اوربا وتراجعها عن سياسة اقتصاد السوق الحر بعد الأزمة المالية الأوربية ورفض اليونان بعد الدخول فى سياسة التقشف رفضت شعوبه القبول بسياسة البنك الدولى
ظهور مفهوم الأقتصاد المرتبط بالشعوب المنتجة وليس السلطة السياسية فى ميادين الأحتجاج فى الدول الأوربية المازومة تراجع امريكا من سيطرة سياسة السوق الحر وفرضت الدولة سيطرتها على البنوك
الثورية هنا تتمثل فى تاكيد الدور القيادى لهذه الطبقة… العمال الفلاحين والمفقرين.. بما هم القوة الطبقية الفاعلة (المهمشين فى الأرض) والحزب الشيوعى الماركسى اللينينى الذى من المفترض أن يمثل أشواقهم وآمالهم أى تردد فى حسم هذه المسالة من قبله فى خطة السياسى وتحالفاتة وادبياتة واى تخل عن هذا الدور يكرس الى منطق الأصلاح لايفعل سوى مزيدا من عمق الأزمة وتفكيك هذه الطبقة وترسيخ الوعى الزائف الوعى النخبوى السلطوى القائم تاريخيا والحاقة بلحمة النخب السلطوية الحالية واسثارة الأيدلوجيا القديمة التى لاتجلب سوى التفتيت والتدميرة ونشر الحلم الزائف وهذه سرعان ماتتجاوزها الجماهير الجماهير التى رات بأم عينها ولمست الهدر والهدم بنفسها من عجز النخب والبرجوازية التى تسعى لتحقيق مزيد من اضطهاد الجماهير وسحقها ونهبها
لاأعتقد ان هذه المفردات منحولة لتاكد انتماء حميد الذى يحاول النخب تجريده من شرف انتمائة لحقوق السواد الأعظم من الشعب السودانى العمال والفلاحين ومطالبته بحقوقهم الأصيلة فى ثورة التغير اليس حميد شاعر للثورة السودانية والتغير العميق
جانا مدير المصنع فاير 
وشو حمار العمدة العاير 
نف المصنع فيهو خساير 
وقالوا يخفضوا مئتين عامل 
مئتي عامل في فد مرة 
مائتين عامل .. مائتين عامل 
يبقوا هوامل .. يبقوا هوامل ؟؟ 
ما يهموش .. الهم المصنع 
تفّ قراروا وفات في حالو 
مسئولين ونقابيين مافي العارض واللا اترجى 
العمال من سمعوا احتجوا … سيرو موكب صامد وصامت 
إتضامنا معاهم سرنا .. 
أب عرام دور عربيتو .. العربية الامريكية 
زنقح خلا الموكب ثابت 
احتجينا مع الإحتجو 
إتكلمنا كلام موضوعي 
قلنا المصنع حق الدولة .. والعمال أصحاب الحق 
هي اللي تقرر والتتولى 
هي البتحدد سير المصنع 
إيد العامل هي العاد تنتج 
ما المكنات الأمريكية 
زيت العامل ياهو البطلع .. مو المكنات الأمريكية 
ودرن الأيدي العمالية 
أنضف من لسنات الفجرة 
ودين الدقن الشيطانية 
ومن كرفتة البنك الدولي .. وكل وجوه الراسمالية 
وأشرف من ………….. 
داك الحين المصنع هاج 
جات عربات اللات بوليس .. فضوا العالم بالكرباج 
والبمبان الأمريكاني 
شرقت شمس اليوم التاني 
كنا حداشر ونوباوية 
متهمنا بالتخريب والتحريض والشيوعية 
البوليس صاقع شيوعية 
وفاكر نفسو بنبذ فينا 
هي آ بوليس أمك مسكينة 
البوليس عمدني شيوعي 
التحقيق طلعني مدان 
التحقيق طبعاً تحقيقهم أو تحقيق الأمريكان 
اسبوعين عشناهم جوه 
اسبوعين زادننا قوة 
ست الدار ما تشفقي خالص
نحنا نصاح إلا القراص والتجار والحاصل البحصل كل صباح
الموت لم ينتصر، أو لم ينتصر تماما أذا كانت فكرة الموت التغيب